لاشك أن حضور الإنسان تاريخيا ليس فيها يمر فيه من أزمات ومكان وإنما حضوره يكمن فيما أنتجه عقله , نعم هذا العقل الذي يمثل شعلة أنتج بها أخطر ظواهر الحضارة الإنسانية أو ماصار يعرف بالعلم.
هذا والأحد منصف ينكر أن العلم الحديث يمثل أشد المراحل بحضور العقل العلمي, وتطوره المتميز , يشكل سابقة جلية في تاريخ العلم وفلسفته ولئن استقرينا انجازاته لوجدنا أن القرن العشرين 20 م تضاعف فيه مردود العلم وأصبح العامل الفعال في تشكيل العقل و الواقع , وفلسفة العلم صارت أهم فروع الفلسفة , خطوات مسارها متوازية إن لم نقل متداخلة مع العلم , إذ توجهه إلى البحث عن أصول العلم وطبيعته وأفاقة إحتواته اتجاهات فلسفية متعددة .. أقوالها النزعة التجريبية ألتي قدمها المركزيون الأوروبيون على حساب الكانطية و الهيجلية ثم كيف أن العلم التجريبي الحديث في بداية التصف بالمنهج الاستقرائي وانبهر بماإنبجس عنه من نتائج وتطورات خاصة في مجال الفيزياء و الكيمياء وعلوم المادة الحية لكن ما إن قربت نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين حتى حصل توجه مغاير, حين بدأت الإلية وتيمم العقل البحث في أصول الرياضيات و السعي إلى منطقه العلم و المكننة اتساقه لهذا بات من الضروري الوقوف على هذه النقلة النوعية الابستمولوجية سواء في تاريخ العلم أو في فلسفته.
هذا و المتصفح للكتاب الرائع فلسفة العلم في القرن العشرين للأستاذة د/ طريف يمني الخولي , يدرك أن هناك أفاق جديدة وتغيرات كبيرة حصلت في المجال الفلسفي و العلمي وتاريخهما يحتوي المؤلف على فصول استعرضت فيها الأصول والحصاد و الأفاق المستقبلية , وقع اختيارنا على فصل استمولوجية القرن العشرين و الانتقال من التجريبية إلى المنطقية كون هذا الباب يتضمن عصب الكتاب من تاريخ العلم وطريق إلى فلسفة العلم و تطورنها إذ طرحت إشكالا هاما فيم تكمن الأصول التجريبية والأصول المنطقية للعلم ؟ كيف أصبح المنطق الحديث عصب لفلسفة القرن 20 ؟
هذه التسؤولات الحية لم تكن من السهل على يمنى الخولي الإجابة عنها إلا بعد أكثر من 20 سنة أبحارا في فضاء العلم و حقول الفلسفة و التاريخ
المؤلفة في سطور : الدكتورة يمنى ظريف الخولي أستاذة فلسفة العلوم ومنهاج البحث بكلية الأداب بجامعة القاهرة , عضو اللجنة القومية لتاريخ فلسفة العلوم حاصلة على ليسانس الممتازة و الماجستير و الدكتورة تخصص فلسفة العلوم لها مؤولفات عديدة :
1. فلسفة كارل بوبر ( مناهج العلم منطق العلم)
2. فلسفة العلم من الحتمية إلى اللاحتمية
3. الحرية الإنسانية و العلم
4. الطبيعات في علم الكلام
5. تاريخ العلوم عند العرب
6. فلسفة العلم في القرن العشرين
تشرف على رسائل الماجستير و الدكتورة.
لانتقال من التجريبية إلى المنطقية والمبررات الإستمولوجية
I/ المد التجريبي في فلسفة القرن العشرين:
قد عرف القرن العشرين صدور وظهور فروض ونظريات علمية أصبح لها صيت عظيم في رفوف فلسفة العلم .. كنظرية الكوانظم , و النظرية النسبية و توسعا كبيرا في الأفاق الرياضية..فهذا كله من الطبيعي أن تتأثر الفلسفة بهذه الإنجازات العلمية و التجريبية و العقلية .. خاصة إذا علمنا من مرجعية تاريخ العلوم و الفلسفات أن أعظم تياراتهما البارزة تيارين تيار التجريبية المادية وتيار المثلية العقلية, وماكان بينهما من علاقة منطقية تناقضيه ألتي سرعان ما أصبحت علاقة تداخليه خاصة بعد صدور أعمال فلسفية جديدة غذتها الفعاليات العقلية العلمية و الحضارية وهذا المد الفلسفي المتنامي أزاح المثالية لحساب التيار التجريبي وتقلص نفوذ المثالية الميتافيزيقية من معالم فلسفة القرن 20 .
وهذا ولقد كان جليا من خلال تمثيل الصريح لفلسفة العلم كفلسفة تجربيه , لما أحرزته العلوم من تطور فيزوي كمينائي, حيوية إنسانية و رياضية , بعدما اضطلعت بالإخبار عن الواقع وأداة عن الواقع التجريبي, بعد خروج الرياضيات إلى الواقع التطبيقي كلغة للإخبار عن الواقع و أداة للاستنباط الدقيق .. أما قسمها الأخر فقد ارتبطت بالمنطق فالإبحار في تاريخ العلوم وفلسفة العلوم يتأكد أن هذا الارتقاء العقلي توضحه الصورة الحقيقية الخلاقة للتكامل بين العقل و الحواس وكان ذلك ميلادا لقوة توجهيه كبيرة للفكر الفلسفي من قبل السمة العلمية و التجريبية.
إذا فبجانب فلسفة العلم ألتي أصبحت أغزر فروع الفلسفة , أصبحت معظم التيارات الكبرى في فلسفة القرن 20 توصف بأنها فلسفات علمية و هذا دليل على المد التجريبي.
الموضوع الذي نركز عليه هو فلسفة العلم و ليس الفلسفة العلمية و التجريبية هي نقطة التقاء مشتركة بينهما, والإشكال الذي يطرح كيف تم المد التجريبي وكيف ساهم في اكتمال صورة فلسفة العلم؟ وكيف تبرر موقع فلسفة العلم في فلسفات القرن 20 ؟
استهلت الدكتورة . ي . الخولي طريق الحل بتسليط الضوء على مرحلة نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 واستعراض القصة مع المثالية نبدأها مع:
1. راسل بترا ند في مقالات شكيت بداية 1900 هي الثورة على المثالية بعملاقيها كانت و هيجل ( طاعة القرن العشرين ) , فالبرعم أن التجريبية هي العقيدة العتيدة للفلسفة الإنجليزية منذ بيكون إلى هليوم ومل , إلا أنه لم يكن من السهل أن تنجو من المد المثالي التحالفي الذي أدعى الفرار من عقلانية التنوير المفرطة وتعملق العلم إلا أن هذه المثالية كانت غزوتها ضعيفة كون روادها لم يكونوا متخصصين أمثال توماس كاريل, كولنبرح تراجعت أمام ج.س ميل ثم في الثلث الأخير من القرن مع ستيرلنج Ihstieting بكتابه سير هيجل 1865 حاول بعث المثالية من جديد من أجل إحياء القيم ألتي هدد الفل العلمي.
2-أما في فرنسا فظهر ذلك من خلال تيار نقد العلم يحاول تقليص التجريبية و تقليم أظافرها و الاستعانة بفلسفة كانت كتيار نقدي موازية للوضعية العلمية , والرفض البات لأن يتجاوز العلم الحدود في المعرفة الإستمولوجية ( الحتمية العلمية تهدد حرية الإنسان )
3-أدم وند هوسرل E.Husserl 1861 – 1937 بحوث منطقية أعتبر من خلال هذا المؤلف أن افتقار العلم للأساس الإنسانية وإبعاد الوعي الإنساني بمنزلة الخطر و التخلف النسبي في مجال العلوم الإنسانية هو أزمة العلم الغربي .. لهذا يعتبر هوسرل أن التجربة الحية هي المدخل الوحيد للعلم , فتطورات فيتو منولوجينا خصوصا في مجال الهيرمينوطقيا Heurtements أو فلسفة التفسير و التأويل للنصوص كون النص ظاهرة حية ومع H.G.Gadamar أصبحت الهرمبنوطقيا علم له مدارسه لإلغاء المتباعدين النص و القارئ.
4-أشادت الكاتبة إلى أنه في مطلع القرن20 كان هنالك هجوم أخر على المثالية الألمانية وتواصل المد التجريبي بقوة في أمريكا مع جوزي روسي J.Royce ( 1855-1916 ) فمن غطاء الفلسفة البرجماتية ألتي ترى أن العقل يحقق هدفه حين يقود صاحبه إلى العمل الناجح , وإذا كانت الفكرة الصحيحة هي الفكرة الناجحة ولا تقاس الفكرة إلا بنتائجها العلمية فإنها تنصب الحقائق الثابتة و الأفكار المطلقة التي تبحث عنها المثالية , فالقيم تنشأ من الواقع الطبيعي وتكون متغيرة ومتطورة تبعا لنواتج الخبرة التجريبية , وتنتهي تجربيه القرن 20 إلى مقولتين
أ ) – الواقعية والاعتراف بالوجود الواقعي المستقل للعالم التجريبي
ب) – التعددية:العلم ليس كما يعتقد فرانسيس برادلي كلا واحدبا بل العالم تعددي كثرة متكثرة من الواقع والجزئيات كون التعددية نظرية أنطولوجية متسقة مع روح العلم ومع التجريبية كما انتهى إليه وليام جيمس وأرناس ماخ
لكن هذا لا يعني أن التجريبية اكتملت؟ خاصة إذا عرفنا أن المذاهب الفلسفية في القرن 20 خلصت إلى نوع من الالتقاء, بعدما تمكنت من أن تفرض كقوة بداية من 1900 بطابعها العلمي الإستمولوجية على التيارات الكبرى المشكلة لفلسفة القرن.. وخاصة بعدما تسلحت في القرن 20 بالتطور الذي أنجزته ثورة الفيزياء الكبرى في التصور والمادة العالم التجريبي , وفي تصور دور التجربة وعلاقة المعطيات الحسية بالعقل, المبدع للفروض العلمية , لكن هذه النزعة لم تتوقف عند هذا الحد , فقد ألتفت إلى جوانبها وعثرة على إلية نسقيه تسهل الانسجام والاستخدام تمثلت في ظهور المنطق الرياضي , وهذا التفاعل يمثل حلقة تاريخية جديدة في فلسفة العالم عامة و التجريبية خاصة.
فكيف تم الالتقاء و التفاعل بين مادية تجريبية حسية أساسها الإحساسات و الخبرة مع آليات موجودة لغتها القضية المنطقية ؟
قامت الدكتورة ظريف الخولي , بعرض تاريخي محكم ومتسلسل لحلقات المنطق و التطورات ألتي عرضها من أرسطو مرورا بإسهامات المسلمين , أمثال ابن سينا , الفارابي والتارح بن رشد في توسيع أفاق المنطق إلى المدرسين وسجله نقطة تاريخية حاسمة مع المحدثين و نشأة المنطق الرياضي أو الرمزي مع لبنتر ومؤسسة جورج بول و وليام هاملتون , جورج هنري فوت راتب وهذا بعد تطور الرياضيات التطبيقية كأداة للعلم من جهة والبحث في أصولها والأسس التي تقوم عليها وهنا تبدأ العلاقة واضحة بين الرياضيات و المنطق الرياضي و فلسفة العلم
ثم تواصلت مجهودان مع جو كلوب فريجة G.Frege 1848- 1925 وجور ينف بيانو G.Peano1858-1932
وايتهيد راسل كل من زاوية خاصة وتصور فعال ووصلوا إلى مابعد المنطق ومابعد الرياضيات إذ أن فن تركيب هذا الحساب كالجبر تماما ويعتبر ليبتر مبشر وهذه الإنجازات تعد الإرهاصات الأولى و القاعدة المثنية انبثق عليها فيما بعد الفلسفة التحليلية عامة و الوضعية المنطقية الخاصة
هذا فليجزم كل ملاحظ أن هناك تراجع من قبل التفسير التجريبي والاستقرائي لأصول الرياضيات خاصة و المعارف العلمية و الفلسفية خاصة فأصبح التمثيل للمنطقين و الصورتين والحساسين يمثلون المدارس الثلاثة الكبرى المتنافسة فيما بينها ,
لقد تمخض الترميز الرياضي للنطق على وثيقة عقلية هائلة طرحة إمكانات إبستمولوجية أبعد إذ اضطلع المنطق الحديث إلى لغة رمزية مبرأة من عيوب اللغات الطبيعية , تجنبا للخلط ولإبهام و المزاغة و تجعل هذا المنطق الجبري أداة قوية ناجزه للتحليل وللاستنباط وقادرا على أن يكشف عن البنية المنطقية للقضايا و الحجج
هذا ولامبحر في فلسفة العلم أن تجحد أن المنطق الرياضي قد أهدي لفلسفة القرن 20 عموما ذات المنوع المعرفي و التجريبي و العقلي أسلوبا فنيا للصياغة الدقيقة و التعبير المنضبط إذا أصبح من الممكن صياغة مشكلات فلسفية تقلديه تجربيه بطرق جديدة وخصبة إذا وصل إلى حد أن التحليل المنطقي للقضايا – علمية فلسفية وعتاد مهم لنظرة التعددية للعالم , فخواص الشيء و أوصافه لتفصح عن علاقات بالأشياء الأخرى وهذا ما كان يؤكد بترا ند يول دائما فأصبحت التجريبية فيها مقننة تقنينا دقيقا يفصلها بمراحل عن التجريبية الفجة التي عبرت عنها النزعة الاستقرائية في القرن التاسع عشر فأصبح من ممكن صياغة التجريبية ذاتها إلى لغة منطقية دقيقة تكون لغة للعالم الموحد.
فلسفة القرن 20 تتسم بسمة منطقية أساسها اللغة لها أصبح جليا البحث في العلاقة بين التفكير و اللغة وفي هذه الفكرة بالذات تشيد المؤلفة إلى دور العرب و المسلمين في هذا الشأن حين أعتبر مبكرا أن المنطق هو نحو التفكير و النحو هو منطق اللغة ( التهاوي 5ض ج6 ص 1318 ) , وفلسفة القرن 20 إتجهت نحو اللغة و تكانفت مع العلوم أخرى وسارت نحو المكننة وعلوم الكمبيوتر ودراسة الذكاء الاصطناعي وتشغيل برنامج المعلومات و العلة الفاعلة تكمن في منطقه العلوم ومكنتها وهكذا تبدو مختلف المدارس في أصول الرياضيات و المنطق الرياضي وهي تدفع الفلسفة نحو اللغة بل نحو ثورة فلسفية في القرن 20
لود فبج فتجنشتين L.Wittgenstein ( 1889- 1951 ) و الصبغة المنطقية في فلسفة القرن 20
من خلال الرسالة المنطقية و الأبحاث الفلسفية قامت يمنى الخولي باستعراض ومناقشة فكر فتجنشتين وبأخرى تحليلية المنطقية لقضيا العلوم و الفلسفة فعلى ضوء صياغة العبارات التجريبية و العلاقات المنطقية يمثل فتجنشتين نقطة التقاء الخطوط السابقة المد التجريبي و المنطق الرياضي إذ أن التجريبية تمنطقت في شكل فلسفة للغة وهذا كله كان بعد دراسته للرياضيات البحتة وأعمال جو كلوب فريخة Frege. G والدراسة في كمبريدج على يد بترا ند راسل و الفلسفة في النظر إما هي منطقية وإما أنها لا شيء المنطقي الفيلسوف
فالمنطق ماهو إلا صورة للغة وكل ميمكن التفكير فيه يمكن التعبير عنه الفلسفة مجرد نشاط مهني لتوضيح الأفكار وذلك عن طريق التحليل المنطقي للعبارات
ثم مرت المؤلفة إلى فتجنشتين الثاني من خلال كتابه بحوث فلسفية فلم يعد ينطلق من منطق الرسالة أن العبارات اللغوية لابد أن ترتبط بوقائع العالم التجريبي بل ان العبارات تعتمد على القواعد ألتي اصطلح عليها الاستعمال اللغة وهي قواعد السيمنطقيا Semantics أي التحليل المنطقي للدلالات مابعد المنطق Métalogique فليس هناك لغة خاصة تعبر عن الخبرة الخالصة .. وانتهى فتجنشتين إلى اللغة . كانت وظيفتها في الرسالة هي تصوير العالم وأصبحت وظيفتها التواصل مع الآخرين
وفي الأخير أشارت المؤلفة بعد هذا الإسهاب إلى أن المنطقة قابلوا إنجاز فتجنشتين ببرودة كارل بوبر لكن رغم ذلك إلا أن رسالة فتجنشتين تبقى أخطر رسالة فلسفية وأقوى مدارس الوضعية المنطقية التي خرجت عنها لتمثلها في فلسفة العالم , فخلصت إلى أن المنطقيين الوضعين سلموا بالنزعة الاستقرائية كما صيغت في القرن 19م بتجريبها الحادة ليمنطقوها بعد أن تناسقت ليجعلوها منطقية
هذا ومع موريس شبلك M. Schlick 1882- 1936 وهنزهان .. كرناب تشكلت فلسفة قينا ألتي أصبحت تسمى الوضعية المنطقية .. تداخلت فيها الفيئان اللتان ميزتا القرن 20 العالم الفيلسوفي و فئة الفيلسوف المنطقي .. أجمع فلاسفة الوضعية المنطقية على أن تكون الفلسفة مقتصرة على تحليل عبارات العلم ألتي يجمعها العلماء وهذا كله من أجل علمنة الفلسفة و تفويض دعائم الميتافزقيا كون قضياها غير مفهومة ولا ذات معنى وكل مناقشاتهم وانقساماتهم إلا أنهم سلموا بمشروع العلم الموحد الذي يبرز مدى تطرفهم في الافتنان بالفيزياء .. لكن الدائرة انقسمت على نفسها انقساما حادا بين فريقين
أ ) فريق التحقق لاسيما نطقي شبلك و فيزمان ( الخبرة التجريبية )
ب ) التركيب اللغوي السينتاطقي ( كرناب , ونيرات )
الوضعيون واصلوا إلى طريق مسدود نفسه الذي وقف فيه النزعة الاستقرائية , وكان تطرفهم حقا كما رأت يمنى الخولي في قصر الفلسفة بأسرها فقط على التحليل المنطقي للعلم
الوضعية المنطقية ارتكزت على التحليل دون الالتفات إلى الثورة والتغيير كما استقبلها الماركسيون رغم أنهم كانوا تنويرين يشنون الحرب على الخرافة و الفعل المطلق بل أجبروا الفلاسفة على الدقة والوضوح في التعبير الأمر الذي تتجاهل المؤلفة القديرة الاسترسال فيه هو أثر هذه الفلسفة على العقل العربي فأحسن من مثلها الدكتور زكي نجيب محمود ( 1905 – 1993 ) حين قال : شعرت في اللحظة التي ترى فيها عن الوضعية المنطقية بأنه إذا كانت الثقافة العربية في حاجة إلى ضوابط تصلح لها السير فتلك الضوابط تكمن هاهنا . ( قصة العقل ص 92 )
لكن كما يشير كتابه الموقف من الميتافيزيقيا 1983 قد أعطى الوضعية المنطقية صورة لأخرى هي وضعية ضد الخرافة والخطب ما
ماهي النقطة التي ألت إليها البحوث الفلسفية و الإستمولوجية ؟
إنها الأداتية Instrumentaliste ماهو محتواها ؟
فلسفة علم تنظر إلى القوانين و النظريات والأنساق العلمية بوصفها أدوات للروابط بين الظواهر و التنبؤ بها و السيطرة عليها .. تقاس قيمة النظرية العلمية بقدرتها على أداء وظائف العلم وليس بقدرتها على التعبيير عن الواقع بصدق .. و العلم مجرد نسق منطقي من عبارات هي دوال منطقية ( أ . ماخ ) و القانون العلمي مهما كان مجرد أداة هو أسلوب للبحث ودلات قضايا توصف بالصلاحية وعدم الصلاحية وليس بصدق أو الكذب وهاجم بوانكرية و دوريهم بيانو فريخة , راسل
والأداتية تنفرد بالفصل بين المعرفة والوجود و تجريد الاسيتمولوجيا العلمية من دلالاتها الأنطولوجية في حين تتفق بقيمة الأطراف على أن المعلم نجاح العلم الحديث هو هذا التمثيل الواقعي للإستمولوجيا
لكن مهما كانت إيجابيات الأداتية فإنه يصعب كثيرا موافقتهم على نزع الدلالة الانطولوجيا عن العلم بأسره لينصرف العلم والفلسفة جميعا عن المشكلة الأنطولوجية يقول ماكس بلتك إن نشاط الأداتين ضروري ونافع ولكنه ينطوي على خطر لاستهان به وهو أن الصورة الفيزيائية للعالم تحوي معناه فتظهر صورة فارغة من المحتوى
استعرضت المؤلفة نقد كارل بوبر لهم بوانكرية بعدما بين خطورة إصرار الأداتية على أن تغفل أصلا الفوارق الجوهرية العميقة بين العلوم البحتة و الأساسية و بين التطبيقات التكنولوجية .. هنا نسجل على بوبر الانتقال من منطق التبرير المعرفة العلمية إلى منطق الكشف العلمي و التقدم المطرد
الخاتمة :
بعد هذا العمل الاستقصائي التحليل يبين أن العقل العلمي و بنيته الإستمولوجية داخل تاريخ العلم له مراحل متميزة ومترابطة تبدو بوضوح لكل قارئ النزعة النقدية الإستمولوجية , فلم يكن من السهل صمود التجريبية أمام المثالية الألمانية المتجذرة و تجاوزها ثم كيف أن الفلسفة العلم ذات الأصول التجريبية كيف قادها التطرف إلى الطريق المسدود وكيف حاولت النزعة المنطقية ذات الصول الرياضية أن تنفذها و تحولها إلى تجربة منطقية ثم أداتيه
إن الدكتورة ظريف يمنى الخولي لم تكتفي بعرض التاريخي وإنما حللت كل هذه الأطراف وبينت تطرف كل تيار سواء من الزاوية التاريخية أو من الزاوية الإستمولوجية إلا أن هذا العرض لا يخل من بعض الملاحظات وقد نسميها انتقادات ترى أن الأصول التجريبية والأصول المنطقية أمر ضروري إلا أننا لاحضنا نوع من التذبذبات و الفقرات غير المبررة فهذه الإستمولوجية وهذه الفلسفة التحليلية للقضايا ونتائج العلم و المسائل الفلسفية إلا نعتبر على بصامتها في تحليلات أرسطو طالس مثلا ؟ الدلالات و صورة القضايا ألا نجدها متجذرة في مجال أصول الفقه عند المسلمين ؟ لهذا نقترح قرأة ثانية للموضوع حتى ننصف كل ذي بصيرة بما أنجزت ومع ذلك يبقى إنجاز الدكتورة من روائع ما كتب في مجال الاتمولوجيا و تاريخ العلم و فلسفته
هذا والأحد منصف ينكر أن العلم الحديث يمثل أشد المراحل بحضور العقل العلمي, وتطوره المتميز , يشكل سابقة جلية في تاريخ العلم وفلسفته ولئن استقرينا انجازاته لوجدنا أن القرن العشرين 20 م تضاعف فيه مردود العلم وأصبح العامل الفعال في تشكيل العقل و الواقع , وفلسفة العلم صارت أهم فروع الفلسفة , خطوات مسارها متوازية إن لم نقل متداخلة مع العلم , إذ توجهه إلى البحث عن أصول العلم وطبيعته وأفاقة إحتواته اتجاهات فلسفية متعددة .. أقوالها النزعة التجريبية ألتي قدمها المركزيون الأوروبيون على حساب الكانطية و الهيجلية ثم كيف أن العلم التجريبي الحديث في بداية التصف بالمنهج الاستقرائي وانبهر بماإنبجس عنه من نتائج وتطورات خاصة في مجال الفيزياء و الكيمياء وعلوم المادة الحية لكن ما إن قربت نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين حتى حصل توجه مغاير, حين بدأت الإلية وتيمم العقل البحث في أصول الرياضيات و السعي إلى منطقه العلم و المكننة اتساقه لهذا بات من الضروري الوقوف على هذه النقلة النوعية الابستمولوجية سواء في تاريخ العلم أو في فلسفته.
هذا و المتصفح للكتاب الرائع فلسفة العلم في القرن العشرين للأستاذة د/ طريف يمني الخولي , يدرك أن هناك أفاق جديدة وتغيرات كبيرة حصلت في المجال الفلسفي و العلمي وتاريخهما يحتوي المؤلف على فصول استعرضت فيها الأصول والحصاد و الأفاق المستقبلية , وقع اختيارنا على فصل استمولوجية القرن العشرين و الانتقال من التجريبية إلى المنطقية كون هذا الباب يتضمن عصب الكتاب من تاريخ العلم وطريق إلى فلسفة العلم و تطورنها إذ طرحت إشكالا هاما فيم تكمن الأصول التجريبية والأصول المنطقية للعلم ؟ كيف أصبح المنطق الحديث عصب لفلسفة القرن 20 ؟
هذه التسؤولات الحية لم تكن من السهل على يمنى الخولي الإجابة عنها إلا بعد أكثر من 20 سنة أبحارا في فضاء العلم و حقول الفلسفة و التاريخ
المؤلفة في سطور : الدكتورة يمنى ظريف الخولي أستاذة فلسفة العلوم ومنهاج البحث بكلية الأداب بجامعة القاهرة , عضو اللجنة القومية لتاريخ فلسفة العلوم حاصلة على ليسانس الممتازة و الماجستير و الدكتورة تخصص فلسفة العلوم لها مؤولفات عديدة :
1. فلسفة كارل بوبر ( مناهج العلم منطق العلم)
2. فلسفة العلم من الحتمية إلى اللاحتمية
3. الحرية الإنسانية و العلم
4. الطبيعات في علم الكلام
5. تاريخ العلوم عند العرب
6. فلسفة العلم في القرن العشرين
تشرف على رسائل الماجستير و الدكتورة.
لانتقال من التجريبية إلى المنطقية والمبررات الإستمولوجية
I/ المد التجريبي في فلسفة القرن العشرين:
قد عرف القرن العشرين صدور وظهور فروض ونظريات علمية أصبح لها صيت عظيم في رفوف فلسفة العلم .. كنظرية الكوانظم , و النظرية النسبية و توسعا كبيرا في الأفاق الرياضية..فهذا كله من الطبيعي أن تتأثر الفلسفة بهذه الإنجازات العلمية و التجريبية و العقلية .. خاصة إذا علمنا من مرجعية تاريخ العلوم و الفلسفات أن أعظم تياراتهما البارزة تيارين تيار التجريبية المادية وتيار المثلية العقلية, وماكان بينهما من علاقة منطقية تناقضيه ألتي سرعان ما أصبحت علاقة تداخليه خاصة بعد صدور أعمال فلسفية جديدة غذتها الفعاليات العقلية العلمية و الحضارية وهذا المد الفلسفي المتنامي أزاح المثالية لحساب التيار التجريبي وتقلص نفوذ المثالية الميتافيزيقية من معالم فلسفة القرن 20 .
وهذا ولقد كان جليا من خلال تمثيل الصريح لفلسفة العلم كفلسفة تجربيه , لما أحرزته العلوم من تطور فيزوي كمينائي, حيوية إنسانية و رياضية , بعدما اضطلعت بالإخبار عن الواقع وأداة عن الواقع التجريبي, بعد خروج الرياضيات إلى الواقع التطبيقي كلغة للإخبار عن الواقع و أداة للاستنباط الدقيق .. أما قسمها الأخر فقد ارتبطت بالمنطق فالإبحار في تاريخ العلوم وفلسفة العلوم يتأكد أن هذا الارتقاء العقلي توضحه الصورة الحقيقية الخلاقة للتكامل بين العقل و الحواس وكان ذلك ميلادا لقوة توجهيه كبيرة للفكر الفلسفي من قبل السمة العلمية و التجريبية.
إذا فبجانب فلسفة العلم ألتي أصبحت أغزر فروع الفلسفة , أصبحت معظم التيارات الكبرى في فلسفة القرن 20 توصف بأنها فلسفات علمية و هذا دليل على المد التجريبي.
الموضوع الذي نركز عليه هو فلسفة العلم و ليس الفلسفة العلمية و التجريبية هي نقطة التقاء مشتركة بينهما, والإشكال الذي يطرح كيف تم المد التجريبي وكيف ساهم في اكتمال صورة فلسفة العلم؟ وكيف تبرر موقع فلسفة العلم في فلسفات القرن 20 ؟
استهلت الدكتورة . ي . الخولي طريق الحل بتسليط الضوء على مرحلة نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 واستعراض القصة مع المثالية نبدأها مع:
1. راسل بترا ند في مقالات شكيت بداية 1900 هي الثورة على المثالية بعملاقيها كانت و هيجل ( طاعة القرن العشرين ) , فالبرعم أن التجريبية هي العقيدة العتيدة للفلسفة الإنجليزية منذ بيكون إلى هليوم ومل , إلا أنه لم يكن من السهل أن تنجو من المد المثالي التحالفي الذي أدعى الفرار من عقلانية التنوير المفرطة وتعملق العلم إلا أن هذه المثالية كانت غزوتها ضعيفة كون روادها لم يكونوا متخصصين أمثال توماس كاريل, كولنبرح تراجعت أمام ج.س ميل ثم في الثلث الأخير من القرن مع ستيرلنج Ihstieting بكتابه سير هيجل 1865 حاول بعث المثالية من جديد من أجل إحياء القيم ألتي هدد الفل العلمي.
2-أما في فرنسا فظهر ذلك من خلال تيار نقد العلم يحاول تقليص التجريبية و تقليم أظافرها و الاستعانة بفلسفة كانت كتيار نقدي موازية للوضعية العلمية , والرفض البات لأن يتجاوز العلم الحدود في المعرفة الإستمولوجية ( الحتمية العلمية تهدد حرية الإنسان )
3-أدم وند هوسرل E.Husserl 1861 – 1937 بحوث منطقية أعتبر من خلال هذا المؤلف أن افتقار العلم للأساس الإنسانية وإبعاد الوعي الإنساني بمنزلة الخطر و التخلف النسبي في مجال العلوم الإنسانية هو أزمة العلم الغربي .. لهذا يعتبر هوسرل أن التجربة الحية هي المدخل الوحيد للعلم , فتطورات فيتو منولوجينا خصوصا في مجال الهيرمينوطقيا Heurtements أو فلسفة التفسير و التأويل للنصوص كون النص ظاهرة حية ومع H.G.Gadamar أصبحت الهرمبنوطقيا علم له مدارسه لإلغاء المتباعدين النص و القارئ.
4-أشادت الكاتبة إلى أنه في مطلع القرن20 كان هنالك هجوم أخر على المثالية الألمانية وتواصل المد التجريبي بقوة في أمريكا مع جوزي روسي J.Royce ( 1855-1916 ) فمن غطاء الفلسفة البرجماتية ألتي ترى أن العقل يحقق هدفه حين يقود صاحبه إلى العمل الناجح , وإذا كانت الفكرة الصحيحة هي الفكرة الناجحة ولا تقاس الفكرة إلا بنتائجها العلمية فإنها تنصب الحقائق الثابتة و الأفكار المطلقة التي تبحث عنها المثالية , فالقيم تنشأ من الواقع الطبيعي وتكون متغيرة ومتطورة تبعا لنواتج الخبرة التجريبية , وتنتهي تجربيه القرن 20 إلى مقولتين
أ ) – الواقعية والاعتراف بالوجود الواقعي المستقل للعالم التجريبي
ب) – التعددية:العلم ليس كما يعتقد فرانسيس برادلي كلا واحدبا بل العالم تعددي كثرة متكثرة من الواقع والجزئيات كون التعددية نظرية أنطولوجية متسقة مع روح العلم ومع التجريبية كما انتهى إليه وليام جيمس وأرناس ماخ
لكن هذا لا يعني أن التجريبية اكتملت؟ خاصة إذا عرفنا أن المذاهب الفلسفية في القرن 20 خلصت إلى نوع من الالتقاء, بعدما تمكنت من أن تفرض كقوة بداية من 1900 بطابعها العلمي الإستمولوجية على التيارات الكبرى المشكلة لفلسفة القرن.. وخاصة بعدما تسلحت في القرن 20 بالتطور الذي أنجزته ثورة الفيزياء الكبرى في التصور والمادة العالم التجريبي , وفي تصور دور التجربة وعلاقة المعطيات الحسية بالعقل, المبدع للفروض العلمية , لكن هذه النزعة لم تتوقف عند هذا الحد , فقد ألتفت إلى جوانبها وعثرة على إلية نسقيه تسهل الانسجام والاستخدام تمثلت في ظهور المنطق الرياضي , وهذا التفاعل يمثل حلقة تاريخية جديدة في فلسفة العالم عامة و التجريبية خاصة.
فكيف تم الالتقاء و التفاعل بين مادية تجريبية حسية أساسها الإحساسات و الخبرة مع آليات موجودة لغتها القضية المنطقية ؟
قامت الدكتورة ظريف الخولي , بعرض تاريخي محكم ومتسلسل لحلقات المنطق و التطورات ألتي عرضها من أرسطو مرورا بإسهامات المسلمين , أمثال ابن سينا , الفارابي والتارح بن رشد في توسيع أفاق المنطق إلى المدرسين وسجله نقطة تاريخية حاسمة مع المحدثين و نشأة المنطق الرياضي أو الرمزي مع لبنتر ومؤسسة جورج بول و وليام هاملتون , جورج هنري فوت راتب وهذا بعد تطور الرياضيات التطبيقية كأداة للعلم من جهة والبحث في أصولها والأسس التي تقوم عليها وهنا تبدأ العلاقة واضحة بين الرياضيات و المنطق الرياضي و فلسفة العلم
ثم تواصلت مجهودان مع جو كلوب فريجة G.Frege 1848- 1925 وجور ينف بيانو G.Peano1858-1932
وايتهيد راسل كل من زاوية خاصة وتصور فعال ووصلوا إلى مابعد المنطق ومابعد الرياضيات إذ أن فن تركيب هذا الحساب كالجبر تماما ويعتبر ليبتر مبشر وهذه الإنجازات تعد الإرهاصات الأولى و القاعدة المثنية انبثق عليها فيما بعد الفلسفة التحليلية عامة و الوضعية المنطقية الخاصة
هذا فليجزم كل ملاحظ أن هناك تراجع من قبل التفسير التجريبي والاستقرائي لأصول الرياضيات خاصة و المعارف العلمية و الفلسفية خاصة فأصبح التمثيل للمنطقين و الصورتين والحساسين يمثلون المدارس الثلاثة الكبرى المتنافسة فيما بينها ,
لقد تمخض الترميز الرياضي للنطق على وثيقة عقلية هائلة طرحة إمكانات إبستمولوجية أبعد إذ اضطلع المنطق الحديث إلى لغة رمزية مبرأة من عيوب اللغات الطبيعية , تجنبا للخلط ولإبهام و المزاغة و تجعل هذا المنطق الجبري أداة قوية ناجزه للتحليل وللاستنباط وقادرا على أن يكشف عن البنية المنطقية للقضايا و الحجج
هذا ولامبحر في فلسفة العلم أن تجحد أن المنطق الرياضي قد أهدي لفلسفة القرن 20 عموما ذات المنوع المعرفي و التجريبي و العقلي أسلوبا فنيا للصياغة الدقيقة و التعبير المنضبط إذا أصبح من الممكن صياغة مشكلات فلسفية تقلديه تجربيه بطرق جديدة وخصبة إذا وصل إلى حد أن التحليل المنطقي للقضايا – علمية فلسفية وعتاد مهم لنظرة التعددية للعالم , فخواص الشيء و أوصافه لتفصح عن علاقات بالأشياء الأخرى وهذا ما كان يؤكد بترا ند يول دائما فأصبحت التجريبية فيها مقننة تقنينا دقيقا يفصلها بمراحل عن التجريبية الفجة التي عبرت عنها النزعة الاستقرائية في القرن التاسع عشر فأصبح من ممكن صياغة التجريبية ذاتها إلى لغة منطقية دقيقة تكون لغة للعالم الموحد.
فلسفة القرن 20 تتسم بسمة منطقية أساسها اللغة لها أصبح جليا البحث في العلاقة بين التفكير و اللغة وفي هذه الفكرة بالذات تشيد المؤلفة إلى دور العرب و المسلمين في هذا الشأن حين أعتبر مبكرا أن المنطق هو نحو التفكير و النحو هو منطق اللغة ( التهاوي 5ض ج6 ص 1318 ) , وفلسفة القرن 20 إتجهت نحو اللغة و تكانفت مع العلوم أخرى وسارت نحو المكننة وعلوم الكمبيوتر ودراسة الذكاء الاصطناعي وتشغيل برنامج المعلومات و العلة الفاعلة تكمن في منطقه العلوم ومكنتها وهكذا تبدو مختلف المدارس في أصول الرياضيات و المنطق الرياضي وهي تدفع الفلسفة نحو اللغة بل نحو ثورة فلسفية في القرن 20
لود فبج فتجنشتين L.Wittgenstein ( 1889- 1951 ) و الصبغة المنطقية في فلسفة القرن 20
من خلال الرسالة المنطقية و الأبحاث الفلسفية قامت يمنى الخولي باستعراض ومناقشة فكر فتجنشتين وبأخرى تحليلية المنطقية لقضيا العلوم و الفلسفة فعلى ضوء صياغة العبارات التجريبية و العلاقات المنطقية يمثل فتجنشتين نقطة التقاء الخطوط السابقة المد التجريبي و المنطق الرياضي إذ أن التجريبية تمنطقت في شكل فلسفة للغة وهذا كله كان بعد دراسته للرياضيات البحتة وأعمال جو كلوب فريخة Frege. G والدراسة في كمبريدج على يد بترا ند راسل و الفلسفة في النظر إما هي منطقية وإما أنها لا شيء المنطقي الفيلسوف
فالمنطق ماهو إلا صورة للغة وكل ميمكن التفكير فيه يمكن التعبير عنه الفلسفة مجرد نشاط مهني لتوضيح الأفكار وذلك عن طريق التحليل المنطقي للعبارات
ثم مرت المؤلفة إلى فتجنشتين الثاني من خلال كتابه بحوث فلسفية فلم يعد ينطلق من منطق الرسالة أن العبارات اللغوية لابد أن ترتبط بوقائع العالم التجريبي بل ان العبارات تعتمد على القواعد ألتي اصطلح عليها الاستعمال اللغة وهي قواعد السيمنطقيا Semantics أي التحليل المنطقي للدلالات مابعد المنطق Métalogique فليس هناك لغة خاصة تعبر عن الخبرة الخالصة .. وانتهى فتجنشتين إلى اللغة . كانت وظيفتها في الرسالة هي تصوير العالم وأصبحت وظيفتها التواصل مع الآخرين
وفي الأخير أشارت المؤلفة بعد هذا الإسهاب إلى أن المنطقة قابلوا إنجاز فتجنشتين ببرودة كارل بوبر لكن رغم ذلك إلا أن رسالة فتجنشتين تبقى أخطر رسالة فلسفية وأقوى مدارس الوضعية المنطقية التي خرجت عنها لتمثلها في فلسفة العالم , فخلصت إلى أن المنطقيين الوضعين سلموا بالنزعة الاستقرائية كما صيغت في القرن 19م بتجريبها الحادة ليمنطقوها بعد أن تناسقت ليجعلوها منطقية
هذا ومع موريس شبلك M. Schlick 1882- 1936 وهنزهان .. كرناب تشكلت فلسفة قينا ألتي أصبحت تسمى الوضعية المنطقية .. تداخلت فيها الفيئان اللتان ميزتا القرن 20 العالم الفيلسوفي و فئة الفيلسوف المنطقي .. أجمع فلاسفة الوضعية المنطقية على أن تكون الفلسفة مقتصرة على تحليل عبارات العلم ألتي يجمعها العلماء وهذا كله من أجل علمنة الفلسفة و تفويض دعائم الميتافزقيا كون قضياها غير مفهومة ولا ذات معنى وكل مناقشاتهم وانقساماتهم إلا أنهم سلموا بمشروع العلم الموحد الذي يبرز مدى تطرفهم في الافتنان بالفيزياء .. لكن الدائرة انقسمت على نفسها انقساما حادا بين فريقين
أ ) فريق التحقق لاسيما نطقي شبلك و فيزمان ( الخبرة التجريبية )
ب ) التركيب اللغوي السينتاطقي ( كرناب , ونيرات )
الوضعيون واصلوا إلى طريق مسدود نفسه الذي وقف فيه النزعة الاستقرائية , وكان تطرفهم حقا كما رأت يمنى الخولي في قصر الفلسفة بأسرها فقط على التحليل المنطقي للعلم
الوضعية المنطقية ارتكزت على التحليل دون الالتفات إلى الثورة والتغيير كما استقبلها الماركسيون رغم أنهم كانوا تنويرين يشنون الحرب على الخرافة و الفعل المطلق بل أجبروا الفلاسفة على الدقة والوضوح في التعبير الأمر الذي تتجاهل المؤلفة القديرة الاسترسال فيه هو أثر هذه الفلسفة على العقل العربي فأحسن من مثلها الدكتور زكي نجيب محمود ( 1905 – 1993 ) حين قال : شعرت في اللحظة التي ترى فيها عن الوضعية المنطقية بأنه إذا كانت الثقافة العربية في حاجة إلى ضوابط تصلح لها السير فتلك الضوابط تكمن هاهنا . ( قصة العقل ص 92 )
لكن كما يشير كتابه الموقف من الميتافيزيقيا 1983 قد أعطى الوضعية المنطقية صورة لأخرى هي وضعية ضد الخرافة والخطب ما
ماهي النقطة التي ألت إليها البحوث الفلسفية و الإستمولوجية ؟
إنها الأداتية Instrumentaliste ماهو محتواها ؟
فلسفة علم تنظر إلى القوانين و النظريات والأنساق العلمية بوصفها أدوات للروابط بين الظواهر و التنبؤ بها و السيطرة عليها .. تقاس قيمة النظرية العلمية بقدرتها على أداء وظائف العلم وليس بقدرتها على التعبيير عن الواقع بصدق .. و العلم مجرد نسق منطقي من عبارات هي دوال منطقية ( أ . ماخ ) و القانون العلمي مهما كان مجرد أداة هو أسلوب للبحث ودلات قضايا توصف بالصلاحية وعدم الصلاحية وليس بصدق أو الكذب وهاجم بوانكرية و دوريهم بيانو فريخة , راسل
والأداتية تنفرد بالفصل بين المعرفة والوجود و تجريد الاسيتمولوجيا العلمية من دلالاتها الأنطولوجية في حين تتفق بقيمة الأطراف على أن المعلم نجاح العلم الحديث هو هذا التمثيل الواقعي للإستمولوجيا
لكن مهما كانت إيجابيات الأداتية فإنه يصعب كثيرا موافقتهم على نزع الدلالة الانطولوجيا عن العلم بأسره لينصرف العلم والفلسفة جميعا عن المشكلة الأنطولوجية يقول ماكس بلتك إن نشاط الأداتين ضروري ونافع ولكنه ينطوي على خطر لاستهان به وهو أن الصورة الفيزيائية للعالم تحوي معناه فتظهر صورة فارغة من المحتوى
استعرضت المؤلفة نقد كارل بوبر لهم بوانكرية بعدما بين خطورة إصرار الأداتية على أن تغفل أصلا الفوارق الجوهرية العميقة بين العلوم البحتة و الأساسية و بين التطبيقات التكنولوجية .. هنا نسجل على بوبر الانتقال من منطق التبرير المعرفة العلمية إلى منطق الكشف العلمي و التقدم المطرد
الخاتمة :
بعد هذا العمل الاستقصائي التحليل يبين أن العقل العلمي و بنيته الإستمولوجية داخل تاريخ العلم له مراحل متميزة ومترابطة تبدو بوضوح لكل قارئ النزعة النقدية الإستمولوجية , فلم يكن من السهل صمود التجريبية أمام المثالية الألمانية المتجذرة و تجاوزها ثم كيف أن الفلسفة العلم ذات الأصول التجريبية كيف قادها التطرف إلى الطريق المسدود وكيف حاولت النزعة المنطقية ذات الصول الرياضية أن تنفذها و تحولها إلى تجربة منطقية ثم أداتيه
إن الدكتورة ظريف يمنى الخولي لم تكتفي بعرض التاريخي وإنما حللت كل هذه الأطراف وبينت تطرف كل تيار سواء من الزاوية التاريخية أو من الزاوية الإستمولوجية إلا أن هذا العرض لا يخل من بعض الملاحظات وقد نسميها انتقادات ترى أن الأصول التجريبية والأصول المنطقية أمر ضروري إلا أننا لاحضنا نوع من التذبذبات و الفقرات غير المبررة فهذه الإستمولوجية وهذه الفلسفة التحليلية للقضايا ونتائج العلم و المسائل الفلسفية إلا نعتبر على بصامتها في تحليلات أرسطو طالس مثلا ؟ الدلالات و صورة القضايا ألا نجدها متجذرة في مجال أصول الفقه عند المسلمين ؟ لهذا نقترح قرأة ثانية للموضوع حتى ننصف كل ذي بصيرة بما أنجزت ومع ذلك يبقى إنجاز الدكتورة من روائع ما كتب في مجال الاتمولوجيا و تاريخ العلم و فلسفته
2 التعليقات:
الله يعطيك العافيه
تجريبي http://alsariyah.blogspot.com/
http://alsariyah.blogspot.com/
http://alsariyah.blogspot.com/